تتحمل دولة علم السفينة المسؤولية الأساسية عن مراقبة التزام السفن بالمعايير الدولية المتعلقة بالسلامة، والوقاية من التلوث، وظروف المعيشة والعمل على متن السفن، سواء بواسطة مفتشيها أومن خلال الاعتماد على هيئات إشراف وتصنيف ذات موثوقية تضمن دولة العلم من خلالها فعالية الفحوصات والدراسات التي تُجرى في سياق إصدار الشهادات ذات الصلة، كما تتحمل الشركة مالكة السفينة مسؤولية الحفاظ على حالة السفينة ومعداتها بعد إجراء الفحوصات لتلبية متطلبات الاتفاقيات المعمول بها.
على الرغم من ذلك هناك العديد من دول العلم تتجاهل بشكل جدي تطبيق والامتثال للمعايير الدولية عرفت في الأوساط البحرية باسم دول علم المنفعة وقد أشرنا إليها في مقالات سابقة، نتيجة لذلك ظهرت الحاجة إلى مستوى إضافي من الرقابة على الالتزام بالمعايير الدولية للسلامة، والوقاية من التلوث، وظروف المعيشة والعمل على متن السفن.
تم تقديم مفهوم (PSC) من قبل المنظمة البحرية الدولية (IMO) من خلال اتفاقية المنظمة الدولية بشأن معايير الشهادات و التدريب لعام 1978 (اتفاقية STCW)، تنص المادة 10 على أنه يجب على الأطراف في اتفاقية STCW تطبيق متطلبات الاتفاقية على جميع السفن التي تصل إلى موانئها، لضمان عدم وجود ميزة تنافسية للسفن التي ترفع علم دول ليست طرفًا في الاتفاقية.
في عام 1978، تم تطوير “مذكرة لاهاي” بين عدد من السلطات البحرية في أوروبا الغربية، والتي كانت تتناول بشكل رئيسي تنفيذ ظروف المعيشة والعمل على متن السفن كما هو مطلوب بموجب اتفاقية العمل الدولية رقم 147، قبل أن تدخل المذكرة حيز التنفيذ في مارس 1978، حدثت كارثة تسرب نفطي ضخمة قبالة ساحل بريتاني (فرنسا) نتيجة جنوح الناقلة “أموكو كاديز”.
دائما مع الكوارث المختلفة يكون هناك بداية لتاريخ جديد يدفع البشر إلى العمل على تجنب تكرار الحوادث، في مارس 1978 جنحت ناقلة النفط الليبيرية “أموكو كاديز” قبالة ساحل بريتاني في فرنسا انقسم جسم الناقلة إلى ثلاثة أجزاء مما أدى إلى تسرب أكثر من 220,000 طن من النفط الخام إلى البحر وموت الآلاف من الطيور البحرية مخلفة كارثة بيئية، كان الحادث نتيجة لخلل في جهاز التوجيه، وقصور مراقبة الحالة السفينة الفنية، ونقص التدريب الكافي الطاقم مع نقص في إدارة السلامة على متن السفينة.
انتشرت صور الطيور البحرية المتضررة والشواطئ الملوثة في جميع أنحاء العالم وأثار الحادث احتجاجًا سياسيًا وعامًا قويًا في أوروبا من أجل فرض لوائح أكثر صرامة فيما يتعلق بسلامة الشحن، أدى ذلك الضغط إلى إعداد مذكرة شاملة تغطي:
- سلامة الحياة في البحر
- الوقاية من التلوث الناتج عن السفن
- ظروف المعيشة والعمل على متن السفن
اتفقت 14 دولة أوروبية على توحيد جهودها ضد السفن غير الآمنة، والطاقم غير المدرب تدريبًا كافٍ، وملاك السفن غير المسؤولين، في مؤتمر وزاري عقد في باريس تم توقيع مذكرة التفاهم الجديدة بشأن الرقابة على الدولة المينائية في يناير 1982 ، ودخلت المذكرة حيز التنفيذ في 1 يوليو 1982.
منذ ذلك الحين، وضعت مذكرة التفاهم في باريس حجر الأساس لإجراء فحوصات على السفن التجارية ذات العلم الأجنبي التي تصل إلى موانئ الدول الأعضاء في المذكرة.
أثبتت سلطة الرقابة على الدولة المينائية فعاليتها سريعا مع مرور الوقت، انخفض عدد السفن التي تعاني من نقص كبير في المعايير، أدت التهديدات المستمرة بإجراء فحوصات إلى دفع ملاك السفن للاهتمام بشكل أفضل بسفنهم، حاليًا تضم مذكرة باريس 27 دولة عضو.
أدى النجاح السريع والملحوظ في أوروبا إلى انتشار سلطة رقابة الدولة علي الموانئ عبر دول العالم ، أثبتت الرقابة فعاليتها سريعا مع مرور الوقت انخفض عدد السفن التي تعاني من نقص كبير في المعايير، أدت التهديدات المستمرة بإجراء فحوصات إلى دفع ملاك السفن للاهتمام بشكل أفضل بسفنهم، حاليًا تضم مذكرة باريس 27 دولة عضو.
تم توقيع تسع اتفاقيات إقليمية بشأن سلطة رقابة تادولة علي الموانئ – مذكرات تفاهم أو MoUs – تشمل: أوروبا و شمال الأطلسي (مذكرة باريس)؛ آسيا والمحيط الهادئ (مذكرة طوكيو)؛ أمريكا اللاتينية (اتفاقية فينيا ديل مار)؛ الكاريبي (مذكرة الكاريبي)؛ غرب ووسط إفريقيا (مذكرة أبوجا)؛ منطقة البحر الأسود (مذكرة البحر الأسود)؛ البحر الأبيض المتوسط (مذكرة البحر الأبيض المتوسط)؛ المحيط الهندي (مذكرة المحيط الهندي)؛ ومذكرة الرياض، تحافظ خفر السواحل الأمريكية على النظام العاشر للرقابة على الدولة المينائية.
سلطة الرقابة على الموانئ PSC
تشير سلطة مراقبة الدولة على الموانئ إلى الإجراءات التي تتخذها الدول الساحلية لمراقبة السفن الأجنبية التي تبحر في مياهها الإقليمية. تتضمن هذه الإجراءات تفتيش السفن للتأكد من مطابقتها للمعايير المقررة من قبل المنظمات الدولية مثل المنظمة البحرية الدولية (IMO).
أهداف سلطة الرقابة على الموانئ
- تحسين السلامة البحرية: من خلال التأكد من أن السفن تتوافق مع المعايير الدولية المتعلقة بالسلامة.
- حماية البيئة البحرية: من خلال تفتيش السفن للكشف عن أي تلوث أو ضرر قد يتسبب فيه تشغيلها.
- حماية حقوق العمال:من خلال ضمان أن السفن تعتني بظروف العمل والمعيشة للبحارة.
الأسس القانونية لسلطة الرقابة على الموانئ
تعتمد مراقبة الدولة المينائية على عدة اتفاقيات دولية، أبرزها:
- اتفاقية سلامة الأرواح في البحر (SOLAS)
- اتفاقية منع التلوث من السفن (MARPOL)
- اتفاقية العمل البحري (MLC)
إجراءات مراقبة الدولة على الموانئ
تتضمن إجراءات مراقبة الدولة المينائية:
- تفتيش السفن: يشمل تفتيش المعدات، وثائق السفينة، وشهادات السلامة.
- التحقيق في الحوادث:في حال وقوع أي حادث، تقوم السلطات البحرية بالتحقيق في أسباب الحادث وما إذا كانت السفينة قد التزمت بالمعايير.
- الجزاءات: إذا تم اكتشاف أي مخالفات، يمكن للدولة الساحلية فرض جزاءات، مثل منع السفينة من مغادرة الميناء أو فرض غرامات.
تلك الفحوصات في الأصل تهدف إلى دعم تنفيذ دولة العلم، لكن التجربة أثبتت أنها يمكن أن تكون فعالة للغاية، اعتمدت المنظمة القرار (A.682(17 بشأن التعاون الإقليمي في مراقبة السفن والتصريف، مما يشجع على إبرام اتفاقيات إقليمية.، عادةً ما تزور السفن الميناء في دولة واحدة ثم تتجه إلى دول أخرى في المنطقة، لذلك يمكن أن يكون من الأكثر كفاءة إذا تم تنسيق الفحوصات عن كثب للتركيز على السفن غير المعيارية وتجنب الفحوصات المتعددة.
يضمن ذلك فحص أكبر عدد ممكن من السفن، وفي نفس الوقت يمنع تأخير السفن بسبب الفحوصات غير الضرورية، تتحمل دولة العلم المسؤولية الأساسية عن معايير السفن، ولكن الرقابة على الدولة المينائية توفر “شبكة أمان” لالتقاط السفن غير المعيارية.
التحديات التي تواجه مراقبة سلطة الدول علي الموانئ
رغم أهمية مراقبة الدولة المينائية، تواجه هذه الإجراءات عدة تحديات، منها:
- تفاوت المعايير الدولية: قد تختلف الدول في كيفية تطبيق المعايير، مما يؤدي إلى تناقضات.
- الضغط التجاري:قد تتعرض السلطات البحرية لضغوط من شركات الشحن لتسهيل الإجراءات.
- التمويل والموارد: تحتاج الدول إلى موارد كافية لتنفيذ عمليات التفتيش والمراقبة بشكل فعال.
تمثل مراقبة الدولة المينائية عنصرًا حيويًا في الحفاظ على سلامة الملاحة البحرية وحماية البيئة، من خلال التعاون الدولي وتطبيق المعايير بشكل فعال، يمكن تعزيز أمن البحار وضمان سلامة السفن وطاقمها، يتطلب ذلك جهودًا مستمرة من جميع الدول المعنية لضمان الالتزام بالمعايير الدولية والتصدي للتحديات الراهنة.
