يتطلب تنظيم حركة السير على الطرقات استخدام اللافتات الإرشادية والإشارات المرورية لإرشاد السائقين لتجنب الحوادث المرورية وتعزيز سلامة الأفراد والمركبات، كذلك تفعل الشمندورات البحرية والانوار الملاحية الأمر نفسه لتنظيم حركة السفن داخل مياه البحار والمحيطات والقنوات الضيقة.
![]() |
الشمندورات البحرية |
يعود بداية استخدام نظام موحد للشمندورات إلى عام 1889 عندما وافقت بعض الدول على تمييز الجانب الأيسر من القنوات بوضع شمندورات اسطوانية سوداء والجانب الأيمن بوضع شمندورات مخروطية حمراء.
نشأة الاختلاف في إضاءة الشمندورات
لسوء الحظ“ بعد إضافة الأنوار للشمندورات وضعت بعض الدول الأوروبية أضواء حمراء على شمندورات الاسطوانات السوداء لتمييز الجانب الأيسر من مداخل الموانئ، بينما تم وضع أنوار حمراء فوق الشمندورات المخروطية الحمراء التي تميز الجانب الأيمن من مداخل الموانئ في جميع أنحاء أمريكا الشمالية.
سعت العديد من المؤتمرات إلى الوصول إلى نظام موحد للشمندورات البحرية، لكن دون جدوي حتى عام 1936 عندما تم وضع نظام عن طريق عصبة الأمم في جنيف للعلامات الجانبية حيث يتم وضع الشمندورات الحمراء على الجانب الأيسر و الشمندورات السوداء في الجانب الأيمن، مع ذلك لم توقع عدة دول على هذه الاتفاقية واستمرت في تطوير أنظمتها الأصلية.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أعيد إنشاء أنظمة الشمندورات في شمال غرب أوروبا بناءً على النظام الذي وضعته اتفاقية جنيف لعام 1936، لكن الاختلافات الواسعة في تفسير هذا النظام أدت إلى استخدام تسعة أنظمة مختلفة في تلك المياه.
الحوادث المتكررة في مضيق دوفر
خلال عام 1971 شهد مضيق دوفر العديد من الحوادث البحرية التي أعادت إلى الأذهان أهمية توحيد نظام الشمندورات المستخدم حول العالم.
- البداية كانت مع الناقلة البنمية “تيكساكو كاريبيان” الناقلة كانت متجهة من هولندا إلى ترينيداد في 11 يناير عام 1971 وأثناء إبحارها في مضيق دوفر صدمتها سفينة الشحن البيروفية “باراكاس” وسط ضباب كثيف انفجرت “تيكساكو الكاريبي” وانقسمت إلي نصفين وغرقت ولقي 8 من أفراد الطاقم مصرعهم في الحادث وتم إنقاذ 22 آخرين.
-
بعد غرق السفينة “تيكساكو كاريبيان” وضعت السلطات الساحلية البريطانية 3 أضواء خضراء رأسية في الموقع لتحذير السفن الأخرى من حطام السفينة الغارقة لتفادي الاصطدام به، ومع ذلك في اليوم التالي اصطدمت سفينة الشحن الألمانية الغربية “براندنبورغ” بحطام “تيكساكو الكاريبي” وغرقت خلال بضع دقائق، تم إنقاذ 11 فقط من أصل 32 من أفراد الطاقم بواسطة قوارب الصيد المحلية.
-
مجددا أضافت السلطات البريطانية سفينة مضيئة و 5 شمندورات مضيئة إلى الموقع لكن في 27 فبراير تجاهلت السفينة اليونانية “نيكي” التي كانت تبحر من دونكيرك إلى الإسكندرية التحذيرات واصطدمت بحطام أحد السفينتين وغرقت السفينة مع طاقمها بالكامل، أثارت تلك الحوادث المتكررة ردود أفعال واسعة دفعت المسؤولين إلى تطوير وتنفيذ نظام «IALA Maritime Buoyage System » لتفادي الحوادث المستقبلية.
ماهي “IALA”؟
الرابطة الدولية للمساعدات البحرية لسلطات الملاحة والمنارة (IALA ):
”هي رابطة فنية دولية غير هادفة للربح تأسست عام 1957 بهدف تجميع السلطات المسؤولة عن المساعدات الملاحية البحرية بالإضافة إلى المصنعين، والاستشاريين، والمعاهد العلمية والتدريبية من جميع أنحاء العالم، وإتاحة الفرصة لهم لتبادل ومقارنة تجاربهم وإنجازاتهم“
– مع نهاية القرن التاسع عشر بدأ عقد مؤتمرات دورية كل 4 أو 5 سنوات للسلطات المسؤولة عن المساعدات الملاحية لتحسين كفاءتهم و أعمالهم البحثية والتطويرية ، لمقارنة معارفهم وخبراتهم وخططهم على أساس منتظم.
– لكن بحلول الخمسينيات من القرن الماضي أصبح جليا أن وتيرة التغيير التكنولوجي أصبحت بحاجة إلى رابطة دائمة لضمان التدفق المستمر للمعلومات بين السلطات المسؤولة عن المساعدات الملاحية حول العالم ، وفي يوليو 1957 اتفقت 20 دولة على تأسيس المنظمة الدائمة التي عرفت بإسم “IALA”.
– في عام 1973 مع مراعاة الحاجة إلى الاستعجال لإيجاد نظام عالمي موحد للشمندورات البحرية بذلت اللجنة الفنية لـ “IALA” محاولة أخرى وقامت بجمع ممثلين من مقدمي خدمات المساعدات الملاحية من أجل تبادل المعلومات والتوصية بإدخال تحسينات على وسائل المساعدة على الملاحة بناءً على أحدث التقنيات.
– قررت اللجنة حينها أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق على الفور لكنها خلصت إلى أن:
”استخدام نظامين بديلين فقط يعد عمليًا من خلال تقسيم العالم إلى منطقتين“
اقترحت اللجنة نظامًا يسمح باستخدام كل من العلامات الجانبية و علامات الجهات الأصلية في كل منطقة ولكن في المنطقة «A» يتم استخدام اللون الأحمر للنظام الجانبي لتمييز الجانب الأيسر للقنوات واللون الأخضر على الجانب الأيمن عند المتابعة في الاتجاه التقليدي لحركة الملاحة، وفي المنطقة «B» يتم عكس الألوان.
![]() |
شمندورة جانبية في أحد القنوات البحرية |
عُقد مؤتمر بمساعدة المنظمة الاستشارية البحرية الحكومية الدولية المعروفة الآن باسم المنظمة البحرية الدولية والمنظمة الهيدروغرافية الدولية (IHO) ، وسلطات المنارات من خمسين دولة وممثلي تسع منظمات دولية معنية في عام 1980 ووافقوا على اعتماد قواعد النظام المدمج الجديد، وتوصلوا إلى قرارات بشأن الشمندورات البحرية تم الآن تنفيذ النظام في معظم أنحاء العالم ، لكن في بعض الأجزاء، لا يزال التحول إلى النظام الجديد غير مكتمل.
IALA الآن
تضم رابطة (IALA) اليوم 200 عضو منهم 80 هيئات وطنية و 60 شركة تجارية، من خلال مشاركتها في أعمال المنظمات الحكومية الدولية مثل المنظمة البحرية الدولية (IMO) ، والاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية (ITU) ، و المنظمة الهيدروغرافية الدولية (IHO) ، تتمتع الرابطة أيضاً بخبرتها في المساعدات البحرية في مجال الملاحة المعترف بها في جميع أنحاء العالم وتم اعتماد العديد من إنجازاتها رسميًا أو التوصية بها من قبل واحدة أو أخرى من هذه المنظمات.
نظرًا لتعاونها مع المنظمات غير الحكومية الأخرى التي تدرس الصعوبات المرتبطة بالملاحة البحرية ، فإن IALA قادرة على مراعاة وجهات نظر جميع الأطراف المعنية عند تطوير أنظمة جديدة.
المصادر:
Comments 1