قصة أشهر علامة بحرية علامة بليمسول

plimsoll mark علامة بيلمسول

علامة بيلمسول

على ضفاف نهر التايمز في لندن هناك نصب مثير للإعجاب لرجل كان يُعرف في بريطانيا العظمى في أواخر العصر الفيكتوري على نطاق واسع باسم “صديق البحار”  صامويل بليمسول، على الرغم من أن اسمه بالكاد معروف لدى العديد من الاشخاص، إلا أن صامويل بليمسول حصل خلال حياته على اعتراف عالمي لجهوده في تعزيز السلامة البحرية، يعود الفضل إلى بليمسول في فرض القيود على حمولات السفن التجارية، بواسطة علامة بليمسول التي تُطلب اليوم على جميع السفن التي تزيد حمولتها عن 150 طن.

ولد بليمسول في بريستول بإنجلتراعام 1824، وترك دراسته ليصبح كاتبًا في مصنع الجعةوارتقى إلى منصب إداري في ، لكنه تركه في عام 1853 ليصبح تاجر فحم  وفشل في ذلك المشروع، واضطر وهو شبه معدم إلى العيش في منزل سكن للعمال في قسم حدائق هاتون بلندن.

كان من بين زملاء بليمسول المقيمين بحارة متقاعدون وبحارة في عطلات بين رحلاتهم،  ورووا لبليمسول حكايات مروعة عن “سفن النعوش”  وهي سفن تجارية غير صالحة للإبحار ولم تعد مربحة، حيث كان المالكون عديموا الضمير يتعمدون زيادة التحميل على هذه السفن ثم إرسالها في ظروف جوية قاسية، على أمل تحقيق ربح نهائي من التأمين الخاص بهم عندما تغرق.

 من تلك اللحظة اكتشف بليمسول السبب الذي سيشكل بقية حياته، تم انتخاب بليمسول لأول مرة لعضوية البرلمان باعتباره ليبراليًا من داربي في عام 1868؛ كان مسعاه التشريعي الأول هو مشروع قانون يحظر الممارسة التي وصفها له البحارة. فشل مشروع القانون، لكن بليمسول واصل العمل.

في عام 1867، تم انتخاب بليمسول كعضو ليبرالي في البرلمان عن مدينة ديربي، وسعى عبثًا لتمرير مشروع قانون يتعامل مع  خط التحميل الآمن على السفن، لكنه واجه مشكلة رئيسية بوجود العديد من النواب الأقوياء الذين يمتلكون السفن في البرلمان.

عمل بليمسول علي تجميع البيانات من مجلس التجارة البريطاني لتوثيق النتائج المأساوية للتوظيف المتعمد للسفن التجارية غير الصالحة للإبحار أو المحملة فوق طاقتها أو سيئة التحميل أو التي تعاني من نقص الطاقم، ولحسن حظ بليمسول، كانت خدمات إنقاذ الحياة الساحلية منظمة تنظيمًا جيدًا واحتفظت بسجلات شاملة لجميع حطام السفن التي غرقت على طول سواحل الجزر البريطانية.

بحلول عام 1873، أصبح  لدي بليمسول المعلومات اللازمة لتوثيق قضيته وإقناع زملائه من أعضاء البرلمان بالحاجة إلى التنظيم الحكومي للشحن التجاري ولكسب الدعم لقضيته، نشر بليمسول كتابًا قصيرًا مثيرًا للفضائح. بعنوان “Our Seaman” (بحارنا)، استنادًا إلى السجلات الرسمية لعمليات الإنقاذ، قدم الكتاب اتهامات  بليمسول والبيانات الداعمة لها.

ادعى بليمسول أن التحميل الزائد وإهمال الإصلاحات كانت الأسباب الرئيسية للحوادث البحرية التي يمكن تجنبها؛ وأشار إلى عوامل أخرى ادت الي غرق السفن  ومنها نقص عدد الطاقم، وتخزين البضائع بطريقة غير صحيحة، ونقص قوة المحرك، ووالبناء المعيب. كما اتهم بعض مالكي السفن بإفراط في التأمين على “سفن النعوش” الخاصة بهم علي امل ان تغرق لكي يحصلوا علي قيمة التامين.

حقق ” كتاب بحارنا” شهرة شعبية على الفورأرسل بليمسول نسخًا إلى كل عضو في البرلمان والصحف البريطانية الرائدة ووزع نسخة مختصرة في التجمعات العامة الداعمة لقضيته.

في تلك الفترة كان قانون الشحن البريطاني ينص علي أنه بمجرد توقيع البحار على بنود عقد العمل، فهم مطالبون بالذهاب إلى البحر، تحت تهديد الغرامة أو السجن. وبالتالي، حتى لو اكتشف البحار أن سفينته غير صالحة للإبحار، فليس أمامه ملاذ قانوني سوى الإبحار بها،  ومن خلال تسليط الضوء على هذا الشرط المرهق، اكتسب بليمسول تعاطفًا عامًا مع المأزق الذي يواجهه العديد من البحارة.

من خلال كتابه ونداءاته العامة و إثارته للجدل في البرلمان في عام 1875  نجح بليمسول في النهاية في تمرير قانون الشحن التجاري البريطاني لعام 1876. بموجب القانون، كانت هيئة التجارة مخولة بإجراء فحوصات للسفن بشكل غير مسبوق واحتجاز أي سفينة يُعتبر أنها غير آمنة، سواء للفحص أو بشكل دائم. 

أيضًا تم وضع قيود على البضائع الجماعية والبضائع على السطح وربما الأهم من ذلك، كان يتعين على جميع السفن أن تُميَّز على جانبيها بقرص دائري – قطره 12 بوصة مع خط أفقي بطول 18 بوصة مرسوم عبر مركزه خط يحدد الحد الأقصى الذي يمكن أن تحمل إليه السفينة وعلى الفور، أصبحت تُعرف باسم “علامة بليمسول”.

ومع مرور السنين، تم تطبيق القانون على السفن الأجنبية التي تغادر الموانئ البريطانية وسرعان ما انتشرت علامة بليمسول إلى دول أخرى. في عام 1929، أصدرت الولايات المتحدة قانون خط التحميل، واعتمدت 54 دولة خط التحميل الدولي في العام التالي. لا تزال اتفاقية خطوط التحميل لعام 1966، وهي معاهدة دولية تحدد حدود الحمولة لجميع السفن التي يزيد وزنها عن 150 طنًا إجماليًا، سارية المفعول حتى اليوم.

منذ زمن بليمسول، تمت إضافة خطوط تحميل أخرى، يوجد أمام قرص بليمسول على السفن التجارية مباشرةً خط رأسي وستة خطوط أفقية ممتدة تشير إلى حدود الحمولة لمختلف المناطق والظروف البحرية. هناك أيضًا مجموعتان من أرقام علامات الغاطس على بدن السفينة، واحدة عند المقدمة والأخرى في المؤخرة. تُظهر الحروف الموجودة على قرص Plimsoll هيئة الاشراف والتصنيف، مثل AB للمجلس الأمريكي للشحن (الولايات المتحدة)، وLR لـ Lloyd’s Registry (بريطانيا )، وBV لـ Bureau Veritas (فرنسا).

أما بالنسبة لبليمسول، فبعد إعادة انتخابه لعضوية البرلمان في عام 1880، تخلى على الفور عن مقعده، وعلى الرغم من العروض العديدة، لم يعد أبدًا، ظل مخلصًا لرفاهية البحارة البريطانيين، وأصبح رئيسًا لاتحاد البحارة ورجال الإطفاء في عام 1887، ودعا لاحقًا إلى إجراء إصلاحات في شحن الماشية الحية. توفي في عام 1898، وكان بطلاً للبحارة البريطانيين حتى النهاية.

ومن خلال إثارة بريطانيا العظمى بأكملها، تغلب بليمسول على معارضة شديدة وساعدفي تنفيذ إصلاحات السلامة البحرية التي جعلت التجارة البحرية أكثر أمانًا لجميع البحارة، وعلى الرغم من وجود نصب تذكاري رائع له على ضفاف نهر التايمز، إلا أن أعظم أعماله هي العلامة التي تحمل اسمه على السفن التجارية في جميع أنحاء العالم. 

المصدر

US naval institute

Exit mobile version